قال الأقصى
أيُّها المسجدُ، ما زلنا نراك *** شاهدَ التاريخ فوقَ المنبرِ
أنتَ أقصى أيُّها المسجدُ في *** داخلِ القلبِ عميقُ الأَثَرِ
لم تزل تُلقي علينا خُطبةً *** لَفظُها الصادقُ لم ينحدرِ:
أيُّها الناسُ اسمعوني إنني *** سوف استنهضكم بالنُّذُرِ
أبحرت بي سُفُنُ الأيام في *** لُجَّةٍ ممزوجةٍ بالَخطَر
كان للأمواج فيها قصصٌ *** أسهبت فيها ولم تختصرِ
كم رأت عينايَ من جيلٍ مضى *** وطوى أيَّامَه في سَفَرِ
هكذا الدنيا، كما جرَّبتُها *** طولُ ما فيها شديدُ القِصَرِ
أيُّها الناسُ اسمعوا، إني *** أرى نارَ حربٍ قذفت بالشَّرَرِ
وأرى قَلبَ اليهوديِّ الذي *** لم يزل يعكس معنى سَقَرِ
وأرى خُطَّةَ حَربِ، ربما *** سبقت كلَّ لبيبٍ حَذِرِ
وأرى دائرةً مُحكَمَةً *** لم تزل واقفةً لم تَدُرِ
ربما دارت بنا نَحوَ الرَّدَى *** لو رضينا بحياةِ الخَدَرِ
أيُّها الناسُ أفيقوا، واذكروا *** صورةَ ابنِ العَلقميِّ الأَشِرِ
واذكروا بغدادَ كيف احترقت *** حين كانت هَجَماتُ التَّتَرِ
واذكروا دَورَةَ أيامِ الأسى *** كيف ساقَتنا إلى المنحدَرِ
واسألوا الأندلُسَ المفقودَ عن *** طائر العزم الذي لم يَطِرِ
أيُّها الناسُ، أنا مسجدكم *** مسجدُ المَسرَى لخير البَشَرِ
مرَّتِ الأحداثُ بي داميةً *** فأنا في وَردِها والصَّدَرِ
مسجدُ الاقصى أنا، أُخبركم *** أنني لا أَنثني للخطر
منهج الإسلام عندي واضحٌ *** فبه أسمو عن المنحَدَرِ
وبه أسلك دَربَ المجد، لا *** اشتكي من شوكه والحُفَرِ
صاحبي منكم، هو الشَّهمُ الذي *** يجعل الغُصنَ قريبَ الثَّمَرِ
صاحبي منكم هو الحادي الذي *** يُسمع القُدسَ نشيد الظَّفَرِ
صاحبي، مَن لايُريني غَفلَةً *** ويُريني جَبهةَ المنكسرِ
صاحبي مَن يحمل القرآن في *** قلبه يكسر بابَ الضَّجَرِ
صاحبي طفلٌ أَبيٌّ لم يَزَل *** يُسمع الدنيا غناءَ الحَجَرِ
منقول والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته